السبت، ٢٤ نوفمبر ٢٠٠٧

يقول الشيخ محمد الغزالي ..



يقول الشيخ محمد الغزالي . في كتاب فقه السيرة

من حق المسلم أن يرتب المصادر التي يأخذ عنها دينه ،وأن يدرك الوضع
الصحيح للمحفوظ من قول النبي عليه الصلاة والسلام وفعله ، إلى جوار السجل الثابت
للوحي الإلهي التي خصت به الرسالة الخاتمة :


إن القرآن روح الإسلام ومادته ، وفي آياته المحكمة شُرع دستوره وبسطت
دعوته ، وقد تكفل الله بحفظه فصينت به حقيقة الدين وكتب لها الخلود أبد الآبدين .
والردل الذي اصطفاه الله لإبلاغ آياته وحمل رسالاته ، كان ((قرآنا)) حيا يسعى بين
الناس ، كان مثالا لما صوره القرآن من إيمان وإخبات ، وسعي وجهاد ، وحق وقوة وفقه
وبيان ، فلا جرم أن قوله وفعله وتقريره وأخلاقه وأحكامه ونواحي حياته كلها تعد
ركنا في الدين وشريعة للمؤمنين .



إن الله تعالى اختاره ليتحدث باسمه ويبلغ عنه ، فمن اولى منه بفهم مراد
الله فيما قال ؟ ومن اولى منه بتحديد المسلك الذي يتواءم مع دلالات الرآن القريبة
والبعيدة .؟


إن تطبيق القانون لا يقل خطرا عن صياغته وللقانون نص وروح ، وعند علاج
الأحداث المختلفة لتسير وفق القانون العتيد ، تجدّ فتاوى و تُدون نصائح وتحفظ
تجارب وعبر ، وتثبت أحكام ، بعضها أقرب إلى حرفية النص ، وبعضها أدنى إلى روحه ..
وهكذا .



والقرآن هو قانون الغسلام ، والسنة
هي تطبيقه ، والمسلم مكلف باحترام هذا التطبيق تكليفه باحترام القانون نفسه ، وقد
أعطى الله نبيه حق الاتباع فيما يأمر به وينهى عنه ،لأن – في ذلك – لا يصدر عن
نفسه بل عن توجيه ربه ، فطاعته هي طاعة الله ، وليست خضوعا أعمى لواحد من الناس .


قال الله عز وجل :" من يطع
الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا " النساء :
.


وقال : " وانزلنا إليك الذكر
لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون "النحل : 44 .



وقال : " وما آتاكم الرسول
فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو " الحشر : 7


على أن الإلهام لا يعطل مواهب الإنسان الراقي ، فمن الخطأ أن نتصور المرسلين اناسا مسخرين
تنطقهم الملائكة أو تسكتهم ، إنهم لو لم يكونو انبياء لكانو رجالا يُرمقون باحترام
، ويقدَّمون عن جدارة .

إن الوحي لا يصيب الناس اتفاقا ، بل يرشح له أكمل الناس رشدا ، وأسبغهم فضلا ، وانبلهم خلقا ،
وأنضجهم رايا . وسيرة هؤلاء في الحياة ليست مما ينبذ ، وكلمهم ليس مما يهمل ، فكيف
إذا تايدت هذه العراقة بالعصمة ، وهذا الذكاء بالتسديد ؟ .



إن السير في ركاب المرسلين هو الخير
كله ، ومن ثم كانت سنة محمد عليه الصلاة والسلام مصدرا لشريعته مع الكتاب الذي
شرفه الله به .