الأربعاء، ٢١ فبراير ٢٠٠٧

يقول ابن القيم 3

النعم كلها من الله

قد فكرت في هذا الأم فإذا أصله ان تعلم أن النعم كلها من الله وحده : نعم الطاعات ونعم اللذات ، فترغب إليه أن يلهمك ذكرها ويوزعك شكرها قال تعالى : " وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون "سورة النحل 53 . وقال " فاذكرو آلاء الله لعلكم تفلحون" الأعراف 69 . وقال " واشكرو نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون "النحل 14 . وكما أن تلك النعم منه ومن مجرد فضله فكرها وشكرها لا ينال إلا بتوفيقه والذنوب من خذلانه وتخليه عن عبده وتخليته بينه وبين نفسه ، وإن لم يكشف ذلك عن عبده فلا سبيل له إلى كشفه عن نفسه ، فإذا هو مضطر إلى التضرع والابتهال إليه أن يدفع عنه أسبابها حتى لا تصدر منه ، وإذا وقعت بحكم المقادير ومقتضى البشرية فهو مضطر إلى التضرع أن يدفع عنه موجباتها وعقوباتها فلا ينفك العبد عن ضرورته إلى هذه الأصول الثلاثة ،ولا فلاح له إلا بها : الشكر وطلب العافية والتوبة النصوح
ثم فكرت فإذا مدار ذلك كله على الرغبة والرهبة : وليس بيد العبد بل بيد مقلب القلوب ومصرفها كيف يشاء ، فإن وفق عبده أقبل بقلبه إليه وملأه رغبة رهبة وإن خذله تركه ونفسه ولم يأخذ بقلبه إليه ولم يسأله ذلك وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .