الأحد، ٢٥ فبراير ٢٠٠٧

يقول ابن القيم 4

يقول ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد :

فصل فوائد وحكم

* لما رأى المتيقظون سطوة الدنيا بأهلها وخداع الأمل لأربابه ، وتملك الشيطان وقيادة النفوس و رأو الدولة للنفس الأمارة لجأوا إلى حصن التضرع والالتجاء كما يأوي العبد المذعور إلى حرم سيده .

* شهوات الدنيا كلعب الخيال ، ونظر الجاهل مقصور على الظاهر ، فأما ذو العقل فيرى ما وراء الستر .

* لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والنسة والمحاكمة إليهما واعتقدو عدم الاكتفاء بهما ، وعدلوا إلى الآراء والقياس والاستحسان ، وأقوال الشيوخ ، عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم وظلمة في قلوبهم وكدر في أفهامهم ومحق في عقولهم ، وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم حتى رُبي فيها الصغير ، وهرم عليها الكبير ، فلم يروها منكرا ، فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن ، والنفس مقام العقل والهوى مقام الرشد ، والضلال مقام الهدى ، والمنكر مقام المعروف ، والجهل مقام العلم ، والرياء مقام الإخلاص ، والباطل مقام الحق والكذب مقام و الصدق ، والمداهنة مقام النصيحة ،والظلم مقام العدل فصارت الدولة والغلبة لهذه الأمور وأهلها هم المشار إليهم ، وكانت قبل ذلك لأضدادها وكان أهلها هم المشار إليهم .

فإذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت ، وراياتها قد نصبت ، وجيوشها قد ركبت ، فبطن الأرض ـ والله ـ خير من ظهرها ، وقلل الجبال خير من السهول ، ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الناس .